جناب اوحدالموحدین شیخ المشایخ قطب الاقطاب حضرت محیی المله و الدین و الحق بن عربی در کتاب شریف فتوحات مکیه بابی را برای افرادی که هنوز دست به دامان استاد کاملی نزده اند و موفق به خدمت به آستان ولیی از اولیاء حق نشده اند اختصاص داده اند که بسیار مغتنم است .
برای مطالعه متن کامل این رساله به ادامه مطلب مراجعه کنید.
اعلم أیدک الله ونورک أنه أول ما یجب على الداخل فی هذه الطریقة الإلهیة المشروعة طلب الأستاذ حتى یجده ولیعمل فی هذه المدّة التی یطلب فیها الأستاذ الأعمال التی أذکرها به وهی أن یلزم نفسه تسعة أشیاء فإنها بسائط الأعداد فیکون له فی التوحید إذا عمل علیها قدم راسخة ولهذا جعل الله الأفلاک تسعة أفلاک فانظر ما ظهر من الحکمة الإلهیة فی حرکات هذه التسعة فاجعل منها أربعة فی ظاهرک وخمسة فی باطنک فالتی فی ظاهرک الجوع والسهر والصمت والعزلة فاثنان فاعلان وهما الجوع والعزلة واثنان منفعلان وهما السهر والصمت وأعنی بالصمت ترک کلام الناس والاشتغال بذکر القلب ونطق النفس عن نطق اللسان إلا فیما أوجب الله علیه مثل قراءة أمّ القرآن أو ما تیسر من القرآن فی الصلاة والتکبیر فیها وما شرع من التسبیح والأذکار والدعاء والتشهد والصلاة على رسول الله صلى الله علیه وسلم إلى أن تسلم منها فتتفرّغ لذکر القلب بصمت اللسان فالجوع یتضمن السهر والصمت تتضمنه العزلة وأما الخمسة الباطنة فهی الصدق والتوکل والصبر والعزیمة والیقین فهذه التسعة أمّهات الخیر تتضمن الخیر کله والطریقة مجموعة فیها فالزمها حتى تجد الشیخ وصل شارح وأنا أذکر لک من شأن کل واحدة من هذه الخصال ما یحرّضک على العمل بها والدؤب علیها والله ینفعنا وإیاک ویجعلنا من أهل عنایته ولنبتدىء بالظاهرة أوّلا ولنقل أمّا العزلة وهی رأس الأربعة المعتبرة التی ذکرناها عند الطائفة أخبرنی أخی فی الله تعالى عبد المجید بن سلمة خطیب مرشانة الزیتون من أعمال إشبیلیة من بلاد الأندلس وکان من أهل الجدّ والاجتهاد فی العبادة فأخبرنی سنة ست وثمانین وخمسمائة قال کنت بمنزلی بمرشانة لیلة من اللیالی فقمت إلى حزبی من اللیل فبینا أنا واقف فی مصلای وباب الدار وباب البیت علیّ مغلق وإذا بشخص قد دخل علیّ وسلم وما أدری کیف دخل فجزعت منه وأوجزت فی صلاتی فلما سلمت قال لی یا عبد المجید من تأنس بالله لم یجزع ثم نفض الثوب الذی کان تحتی أصلی علیه ورمى به وبسط تحتی حصیراً صغیراً کان عنده وقال لی صل على هذا قال ثم أخذنی وخرج بی من الدار ثم من البلد ومشى بی فی أرض لا أعرفها وما کنت أدری أین أنا من أرض الله فذکرنا الله تعالى فی تلک الأماکن ثم ردّنی إلى بیتی حیث کنت قال فقلت له یا أخی بماذا یکون الأبدال أبدالاًفقال لی بالأربعة التی ذکرها أبو طالب فی القوت ثم سماها إلى الجوع والسهر والصمت والعزلة قلباً ثم قال لی عبد المجید هذا هو الحصیر فصلیت علیه وهذا الرجل کان من أکابرهم یقال له معاذ بن أشرس فأمّا العزلة فهی أن یعتزل المرید کل صفة مذمومة وکل خلق دنىء هذه عزلته فی حاله وأمّا فی قلبه فهو أن یعتزل بقلبه عن التعلق بأحد من خلق الله من أهل ومال وولد وصاحب وکل ما یحول بینه وبین ذکر ربه بقلبه حتى عن خواطره ولا یکن له همّ إلا واحد وهو تعلقه بالله وأما فی حسه فعزلته فی ابتداء حاله الانقطاع عن الناس وعن المألوفات إما فی بیته وإمّا بالسیاحة فی أرض الله فإن کان فی مدینة فبحیث لا یعرف وإن لم یکن فی مدینة فیلزم السواحل والجبال والأماکن البعیدة من الناس فإن أنست به الوحوش وتألفت به وأنطقها الله فی حقه فکلمته أولم تکلمه فلیعتزل من الوحوش والحیوانات ویرغب إلى الله تعالى فی أن لا یشغله بسواه ولیثابر على الذکر الخفیّ وإن کان من حفاظ القرآن فیکون له منه حزب فی کل لیلة یقوم به فی صلاته لئلا ینساه ولا یکثر الأوراد ولا الحرکات ولیردّ اشتغاله إلى قلبه دائماً هکذا یکون دأبه ودیدنه وأما الصمت فهو أن لا یتکلم مع مخلوق من الوحوش والحشرات التی لزمته فی سیاحته أو فی موضع عزلته وإن ظهر له أحد من الجنّ أو من الملأ الأعلى فیغمض عینه عنهم ولا یشغل نفسه بالحدیث معهم وإن کلموه فإن تفرض علیه الجواب أجاب بقدر أداء الفرض بغیر مزید وإن لم یتفرض علیه سکت عنهم واشتغل بنفسه فإنهم إذا رأوه على هذه الحالة اجتنبوه ولم یتعرضوا له واحتجبوا عنه فإنهم قد علموا أنه من شغل مشغولاً بالله عن شغله به عاقبه الله أشد عقوبة وأمّا صمته فی نفسه عن حدیث نفسه فلا یحدث نفسه بشیء مما یرجو تحصیله من الله فیما انقطع إلیه فإنه تضییع للوقت فیما لیس بحاصل فإنه من الأمانیّ وإذا عوّد نفسه بحدیث نفسه حال بینه وبین ذکر الله فی قلبه فإنّ القلب لا یتسع للحدیث والذکر معاً فیفوته السبب المطلوب منه فی عزلته وصمته وهو ذکر الله تعالى الذی تتجلى به مرآة قلبه فیحصل له تجلی ربه وأمّا الجوع فهو التقلیل من الطعام فلا یتناول منه إلا قدر ما یقیم صلبه لعبادة ربه فی صلاة فریضته فإن التنفل فی الصلاة قاعداً بما یجده من الضعف لقلة الغذاء أنفع وأفضل وأقوى فی تحصیل مراده من الله من القوّة التی تحصل له من الغذاء لأداء النوافل قائماً فإن الشبع داع إلى الفضول فإن البطن إذا شبع طغت الجوارح وتصرفت فی الفضول من الحرکة والنظر والسماع والکلام وهذه کلها قواطع له عن المقصود وأمّا السهر فإنّ الجوع یولده لقلة الرطوبة والأبخرة الجالبة للنوم ولا سیما شرب الماء فإنه نوم کله وشهوته کاذبة وفائدة السهر التیقظ للاشتغال مع الله بما هو بصدده دائماً فإنه إذا نام انتقل إلى عالم البرزخ بحسب ما نام علیه لا یزید فیفوته خیر کثیر مما لا یعلمه إلا فی حال السهر وأنه إذا التزم ذلک سرى السهر إلى عین القلب وانجلى عین البصیرة بملازمة الذکر فیرى من الخیر ما شاء الله تعالى وفی حصول هذه الأربعة التی هی أساس المعرفة لأهل الله وقد اعتنى بها الحارث بن أسد المحاسبی أکثر من غیر موهى معرفة الله ومعرفة النفس ومعرفة الدنیا ومعرفة الشیطان وقد ذکر بعضهم معرفة الهوى بدلاً من معرفة الله وأنشدوا فی ذلک:قلب لا یتسع للحدیث والذکر معاً فیفوته السبب المطلوب منه فی عزلته وصمته وهو ذکر الله تعالى الذی تتجلى به مرآة قلبه فیحصل له تجلی ربه وأمّا الجوع فهو التقلیل من الطعام فلا یتناول منه إلا قدر ما یقیم صلبه لعبادة ربه فی صلاة فریضته فإن التنفل فی الصلاة قاعداً بما یجده من الضعف لقلة الغذاء أنفع وأفضل وأقوى فی تحصیل مراده من الله من القوّة التی تحصل له من الغذاء لأداء النوافل قائماً فإن الشبع داع إلى الفضول فإن البطن إذا شبع طغت الجوارح وتصرفت فی الفضول من الحرکة والنظر والسماع والکلام وهذه کلها قواطع له عن المقصود وأمّا السهر فإنّ الجوع یولده لقلة الرطوبة والأبخرة الجالبة للنوم ولا سیما شرب الماء فإنه نوم کله وشهوته کاذبة وفائدة السهر التیقظ للاشتغال مع الله بما هو بصدده دائماً فإنه إذا نام انتقل إلى عالم البرزخ بحسب ما نام علیه لا یزید فیفوته خیر کثیر مما لا یعلمه إلا فی حال السهر وأنه إذا التزم ذلک سرى السهر إلى عین القلب وانجلى عین البصیرة بملازمة الذکر فیرى من الخیر ما شاء الله تعالى وفی حصول هذه الأربعة التی هی أساس المعرفة لأهل الله وقد اعتنى بها الحارث بن أسد المحاسبی أکثر من غیر موهى معرفة الله ومعرفة النفس ومعرفة الدنیا ومعرفة الشیطان وقد ذکر بعضهم معرفة الهوى بدلاً من معرفة الله وأنشدوا فی ذلک:
إنی بلیت بأربع یرمیننی ... بالنبل من قوس لها توتیر
إبلیس والدنیا ونفسی والهوى ... یا رب أنت على الخلاص قدیر
وقال الآخر:
إبلیس والدنیا ونفسی والهوى ... کیف الخلاص وکلهم أعدائی
وأمّا الخمسة الباطنة فإنه حدثتنی المرأة الصالحة مریم بنت محمد بن عبدون بن عبد الرحمن البجائی قالت رأیت فی منامی شخصاً کان یتعاهدنی فی وقائعی وما رأیت له شخصاً قط فی عالم الحس فقال لها تقصدین الطریق قالت فقلت له أی والله أقصد الطریق ولکن لا أدری بماذا قالت فقال لی بخمسة وهی التوکل والیقین والصبر والعزیمة والصدق فعرضت رؤیاها علیّ فقلت لها هذا مذهب القوم وسیأتی الکلام علیها إن شاء الله تعالى فی داخل الکتاب فإنّ لها أبواباً تخصها وکذلک الأربعة التی ذکرناها لها أیضاً أبواب تخصها فی الفصل الثانی من فصول هذا الکتاب والله یقول الحق وهو یهدی السبیل انتهى الجزء السادس والعشرون.